روائع مختارة | قطوف إيمانية | الرقائق (قوت القلوب) | فقه الاعتكاف.. وأثره في السلوك وبناء المجتمع

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > الرقائق (قوت القلوب) > فقه الاعتكاف.. وأثره في السلوك وبناء المجتمع


  فقه الاعتكاف.. وأثره في السلوك وبناء المجتمع
     عدد مرات المشاهدة: 3457        عدد مرات الإرسال: 0

الاعتكاف: هو لزوم الإقامة بمسجد يصوم يومًا وليلة؛ لحبس النفس عن شهواتها، والجسد على التربية والعبودية لله وحده.

والاعتكاف مشروع بالكتاب والسُّنَّة والإجماع.

وحكمه: سُنَّة: إلا أن يكون نذرًا فيلزم الوفاء به؛ لأنه نزل منزلة الواجب.

وحكمته: تصفية مرآة العقل، وتطهير القلب ليتعلق بخالقه وحده، واستغراق الأوقات في العبادات تشبهًا بالملائكة الكرام، وحبس النفس عن شهواتها، وكفّ اللسان عما لا ينبغي، وبذلك تتربى الأعضاء تربية راقية لا سبيل لها إلا طاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.

شروط الاعتكاف:

وشروط الاعتكاف أربعة:

1- الإسلام.

2- التمييز.

3- النية.

4- الطهارة من الجنابة والحيض والنفاس.

أركان الاعتكاف
وللاعتكاف ركنان:
1- المسجد: حيث لا يصح الاعتكاف إلا في المسجد.

2- اللبث فيه: أي: الإقامة، فلا يخرج المعتكف إلا لحاجة ضروريَّة كقضاء الحاجة.

مدة الاعتكاف: لا حدَّ لأكثره عند جميع الفقهاء.. ولكن اختلفوا في أقل مدته، والقول الراجح ما قرره الجمهور حيث قالوا: لا حدَّ لأقله، فيجزئ فيه ما يُسمَّى لبثًا، ولو ساعة من ليل أو نهار، بشرط عقد النيَّة.

حكم اعتكاف المرأة: يجوز للمرأة أن تعتكف في مسجد عام, ويستحب أن يكون مسجدًا لا تُصلى فيه الجمعة، بل يُصلى فيه الأوقات الخمسة، وأن يَكُنَّ بعيدات عن الرجال مستترات مختفيات عن الأنظار، وأن يأمنَّ الفتنة، ويجب الحصول على إذن الزوج، فإن أمرها الزوج بالخروج خرجت؛ لأن طاعة الزوج واجبة، وهي معتكفة على سُنَّة.

أما فضل الاعتكاف ومستحباته ومباحاته ومكروهاته ومبطلاته، فيمكن مراجعتها في كتب الفقه وكتابي: (قبسات من المنهج التربوي في السنة).

أثر الاعتكاف في السلوك الأخلاقية وبناء المجتمع
إن هذا المبحث يحتاج إلى توجيهات رشيدة، وبسط في القول، ولكن المقام في هذا الكتيب لا يسمح بهذا العرض.. وحسبي أن أذكر إشارات ضوئية في ضوء الكتاب والسنة، واستنتاجًا من ثمرات الاعتكاف.

1- الاعتكاف يؤصل العبودية لله وحده في قلب المؤمن:
وهذا أمر مقطوع به؛ لأن مظاهره واضحة في أداء الصيام والصلوات، والتهجد بالليل، وتلاوة القرآن الكريم، والذكر، والاستغفار، والتوبة والإنابة إلى الله وحده.. وغير ذلك مما يتعبد به المؤمن.

2- الذكر يُذهب السكرة ويأتي بالفكرة:
ذلك؛ لأن الذاكر يستحضر عظمة الله الذي يذكره، وإلاّ فلا أثر لذكره، وأفضل الذكر كما قرر المعصوم صلى الله عليه وسلم في قوله: «أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله».

ويكفي المسلم الذاكر شرفًا أن الله يذكره كلما ذكر الله، وذلك قوله سبحانه: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} [البقرة: 152].

3- الاعتكاف يؤصل الرجولة والقوة في المؤمن:
وهذا الأمر واضح جليّ لكل من يتأمل في المنهج الفقهي للاعتكاف من حيث السلوك، وأداء العبادات، وتربية النفس والأعضاء.. كل ذلك يعدُّ دعوة صريحة إلى بناء الرجولة الإيمانية، وتأصيلها في المؤمن روحيًّا وجسديًّا.

وما أحوج الأمة المسلمة إلى هذه الرجولة في شتى ميادين الحياة التي تحتاج إلى رجال في الجهاد، والاقتصاد.. وغيرهما.

4- الاعتكاف يوطد علاقة الأخوة في الله:
إن التآخي في الله أضحى ضائعًا بين أبناء المجتمع المسلم، الأمر الذي أدى إلى تفريق صفهم، وانهيار اقتصادهم، وهزيمتهم، فما أحوجنا إلى هذا التآخي الذي هو السبيل إلى الحب والتعاون لبناء مجتمع فاضل، الرجال فيه يصلحون ويحققون الخلافة على الأرض فيتمكنون فيها وعليها، وتكون لهم الغلبة إن شاء الله تعالى.


الكاتب: د. فؤاد علي مخيمر

المصدر: شبكة الألوكة